سورة التغابن - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التغابن)


        


قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فْمِنكُمْ كَافِرٌ} بأنه خلقه {وَمِنْكُم مُّؤمنٌ} بأنه خلقه، قاله الزجاج.
الثاني: فمنكم كافر به وإن أقرّ به، ومنكم مؤمن به.
قال الحسن: وفي الكلام محذوف وتقديره: فمنكم كافر ومنكم مؤمن ومنكم فاسق، فحذفه لما في الكلام من الدليل عليه.
وقال غيره: لا حذف فيه لأن المقصود به ذكر الطرفين.

{خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون بالقول.
الثاني: بإحكام الصنعة وصحة التقدير.
وذكر الكلبي ثالثاً: أن معناه خلق السموات والأرض للحق.

{وَصَوَّرَكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني آدم خلقه بيده كرامة له، قاله مقاتل.
الثاني: جميع الخلق لأنهم مخلوقون بأمره وقضائه.
{فأحْسَنَ صُوَرَكم} أي فأحكمها.


{فقالوا أَبَشَرٌ يَهْدونَنا} يعني أن الكفار قالوا ذلك استصغاراً للبشر أن يكونوا رسلاً من اللَّه إلى أمثالهم، والبشر والإنسان واحد في المعنى، وإنما يختلفان في اشتقاق الاسم، فالبشر مأخوذ من ظهور البشرة، وفي الإنسان وجهان:
أحدهما: مأخوذ من الإنس.
والثاني: من النسيان.
{فَكَفَروا} يعني بالرسل {وَتَوَلَّوْا} يعني عن البرهان.
{واستغنى اللَّه} فيه وجهان:
أحدهما: بسلطانه عن طاعة عباده، قاله مقاتل.
الثاني: واستغنى اللَّه بما أظهره لهم من البرهان وأوضحه لهم من البيان من زيادة تدعو إلى الرشد وتقود إلى الهداية.

{وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} في قوله {غَنِيٌّ} وجهان:
أحدهما: غني عن صدقاتكم، قاله البراء بن عازب.
الثاني: عن عملكم، قاله مقاتل.

وفي {حميد} وجهان:
أحدهما: يعني مستحمداً إلى خلقه بما ينعم به عليهم، وهو معنى قول عليّ.
الثاني: إنه مستحق لحمدهم.
وحكي عن ابن عباس فيه ثالث: معناه يحب من عباده أن يحمدوه.


{زَعَمَ الذين كَفَروا} قال شريح زعموا كُنْيةُ الكذب.
{يومَ يَجْمَعُكم ليومِ الجمْعِ} يعني يوم القيامة، ومن تسميته بذلك وجهان:
أحدهما: لأنه يجمع فيه بين كل نبي وأمته.
الثاني: لأنه يجمع فيه بين الظالمين والمظلومين.
ويحتمل ثالثاً: لأنه يجمع فيه بين ثواب أهل الطاعة وعقاب أهل المعاصي.
{ذلك يومُ التغابُنِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه من أسماء يوم القيامة، ومنه قول الشاعر:
وما أَرْتجي بالعيش من دارِ فُرْقةٍ *** ألا إنما الراحاتُ يوم التغابنِ
الثاني: لأنه غبن فيه أهل الجنة أهل النار، قال الشاعر:
لعمرك ما شيءٌ يفوتُك نيلُه *** بغبْنٍ ولكنْ في العقول التغابنُ
الثالث: لأنه يوم غَبَنَ فيه المظلومُ الظالمَ، لأن المظلوم كان في الدنيا مغبوناً فصار في الآخرة غابناً.
ويحتمل رابعاً: لأنه اليوم الذي أخفاه اللّهُ عن خَلْقه، والغبن الإخفاء ومنه الغبن في البيع لاستخفائه، ولذلك قيل مَغابِن الجسد لما خفي منه.

1 | 2